hager4all

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برامج|أفلام|العاب|أسلاميات|صور

من التراث العربي 868g8ujvcnu1

    من التراث العربي

    المديرة العامة
    المديرة العامة
    Admin


    المساهمات : 294
    تاريخ التسجيل : 17/04/2009
    العمر : 38

    من التراث العربي Empty من التراث العربي

    مُساهمة  المديرة العامة السبت يونيو 27, 2009 12:39 pm

    من التراث العربي 17-12-2008


    أيام (السيّد المتغابي)

    فـي التراث العربي

    عبدالله أبورمّان


    يُروى عن عبدالله بن الزبير، لمّا جاءه نعيُ معاوية بن أبي سفيان من
    الشام، أنه استرجع، وقد بدا عليه التأثر، وقال: ''لله در ابن هند، إن كنا
    لنفرقه وما الليث على براثنه بأجرأ منه، فيتفارق لنا، وإن كنا لنخدعه وما
    ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا''.. و مثل هذه الشهادة من
    خصم سياسي شديد، مهمّة جدا، في معرض الحديث عن أخلاقيّات القادة، وسماتهم.
    ومعاوية، بالذات، كان قائدا سياسيّا ومؤسّسا استثنائيّا، يتفق خصومه على
    كثرتهم، والميّالون إليه على قلتهم، أنه كان واحدا من دواهي التاريخ، في
    السياسة طبعا، وكان أحلمَ العرب.. وإليه تُنسب قصّة ''الشعرة'' الشهيرة،
    التي طالما صلحت للاستشهاد بها على طبيعة العلاقة بين الراعي والرعيّة..
    وقد سبق وأن أجمل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، عددا من سمات معاوية،
    عندما ذكر أمامه، بسوء، فقال: ''دعوا فتى قريش وابن سيدها، إنه لمن يضحك
    في الغضب ولا ينال منه إلا على الرضا، ومن لا يؤخذ من فوق رأسه إلا من تحت
    قدميه''.

    سِمَاتُ معاوية الدهائيّة، إذن، كانت عديدة، أبهرت معاصريه. و قد أتاحت له
    ابتزاز الخلافة، وهو أحد الطلقاء وابن ''شيخي بدر''، من طرف المشركين؛
    وانتزاعَها من أوّل المسلمين و فارس الإسلام الأسطوري علي بن أبي طالب
    كرّم الله وجهه.. ومع ذلك، فإن سِمَة رئيسيّةً، من كلّ هذه السِمات
    استوقفت خصمَه اللدود، والذي سبق لمعاوية أن أوصى لنجله ووليِّ عهده، بأن
    يقطـّعه إربا إن ظفر به؛ بحيث يقف ابن الزبير مليّا عند قدرة معاوية،
    الملفتة، على الانخداع لمناوئيه، والتراجع لهم، وهو أدهاهم وأجرأهم،
    ويعدّها كافية لتأبين قائد كبير، حمل موته خسارة فادحة لواحدٍ من ألدّ
    خصومه!


    الداهية القابل للانخداع، وليس للخداع، نموذج مهمّ في السياسة. و هذه
    السِمة، قد تكون واحدة من شروط السيادة، عند بعض المتقدّمين. و لها
    مسمّياتٌ أخرى، موجودة في التراث العربي، ومن ذلك بيت الشعر، الذي يعدّها
    شرطا رئيسا للسيادة، و نصُّه:


    ''ليس الغبيُّ بسيّدٍ في قومِه

    لكنّ سيّدَ قومِه المتغابي''


    وبالتأكيد، فإن ظاهرة السيّد المتغابي، أو الداهية المنخدع، تصلح للقياس
    على مجالاتٍ أخرى عديدة؛ فهناك، على سبيل المثال، من بين أساتذة البلاغة
    من يحبّذ الخطأ النحوي، في مواضع معيّنة من النصّ، وللخطأ النحويّ المقصود
    وظائف معروفة في علم البلاغة العربيّة.. و هناك، أيضا، من بين خبراء
    العلوم العسكريّة، مَن يعتقد أن ثمّة معارك لا يجوز للقادة العسكريين
    المحترفين أن يكسبوها، وعليهم أن يضحّوا بها حتى لا يخسروا الحرب.. و في
    فنون النحت القديمة عند بعض الحضارات، لا بُدّ من نقص بادٍ في التمثال،
    حتى يكمُل، وهكذا..


    الحرص على إظهار الكمال، خلافا لرأي المتنبّي، قد يكون نقيصة بحدّ ذاته؛
    و''السيّد المتغابي''، قصّة تستحق القراءة، وبالأساس: الاحترام، في التراث
    العربي.


      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 4:09 am